اللغة العربية في الجمهورية التركية وقائع وتطلعات
منذ أعوام بسيطة لم تكن اللغة العربية معروفة أو مصرح بها في الدولة التركية كما اليوم، ولم تكن تجد أحدهم يتحدث العربية حتى وإن كان يعرف اللغة، فما الذي تغير؟
وكيف ساهمت الهجرات العربية إلى تطور اللغة العربية وزرعها عنوة بين الأوساط التركية، لمعرفة ذلك تابعوا معنا هذا المقال.
لماذا اللغة العربية؟
لم ترتبط اللغة العربية يوماً بقومٍ دون غيرهم، فهي لغة وحي السماء وبها تفهم، فمن يحتاج لتعلم أركان دينه لا بد وأن يتقن العربية.
فأقبل الأتراك عليها بدافع تعلم الدين الإسلامي وليستطيعوا دراسة آيات القرآن الكريم والحديث النبوي من مصادره الدقيقة دون ترجمة.
تاريخ اللغة العربية في تركيا:
اعتمدت العربية كلغة الأتراك فور اعتناقهم للإسلام خلال فترة حكم القراخانيين سنة 932 م، الذين اتخذوا الحرف القرآني لكتابة اللغة التركية، ثم أصبحت العربية بعد ذلك اللغة الرسمية للدولة التركية في الأناضول.
واستمر تعليم اللغة العربية في العهد العثماني، باعتبارها لغة النظام الإداري الذي ورثه العثمانيون من الأتراك السلجوقيين ولم تكن الثقافة التركية هي الطابع الغالب في المجتمع الإسلامي، بل كانت منصهرة في ثقافة إسلامية مشتركة.
وفي عهد مصطفى كمال أتاتورك عرف تعليمها فترة ركود مفاجئ خلال تأسيس الجمهورية التركية، وذلك إثر قرار أتاتورك توحيد التعليم، الذي تم بموجبه إلغاء المدارس التقليدية التي كانت تدرس بها اللغة العربية.
وبعد مدة من فتور تعليم اللغة العربية ومحاولة إقصائها عن الواقع التركي، عادتْ من جديد إلى الساحة وبقوة هذه المرة، وأصبحت القوانين والنظم الحاليّة تشجع على تعليمها وتعلمها، بل وأفسحتْ المجال للمعاهد والجامعات، بإنشاء أقسام للغة العربية وآدابها.
مستقبل اللغة العربية في تركيا:
لم يتغير حب الأتراك للغة العربية، ولكن الذي تغير هو القوانين وبعض الحكّام الذين أبعدوا الأتراك عن العربية والحرف العربي.
فيما تتضافر عوامل كثيرة لمستقبل مزهر للغة العربية في تركيا، وذلك لاشتراك الأتراك مع العرب بالانتساب الى الإسلام، وكذلك التقارب مع البلدان العربية.
فيما يتوقع أتراك أن تعود اللغة العربية التي تصنّف السادسة عالميًا والرابعة لجهة الانتشار، إلى تركيا كلغة ثانية وربما رسمية لاحقًا، نظرًا لاعتبارات الجوار والتاريخ المشترك، إضافة أن 6500 كلمة باللغة التركية هي من أصل عربي.
إن اجتماع هذه العوامل في نفس الوقت، يجعلنا نستبشر بمستقبل قوي للغة العربية في تركيا، ولعل المتتبع للواقع التركي من خلال نظرة بسيطة للمعاهد والجامعات، يرى أن هناك تنافسًا بينهم لتقديم دورات ودروس وتخصصات في اللغة العربية.
فضلًا عن أن بعض الجامعات استحدثت أقسامًا للغة العربية في الآونة الأخيرة.