من هو السياسي التركي الذي حارب الصهيونية
أهم زعماء تيار الإسلام السياسي في تركيا وأقوى من تحدى قواعد العلمانية الكمالية المتشددة التي حكمت بلاده في أواسط عشرينيات القرن الماضي.
مولده ونشأته
ولد نجم الدين أربكان في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1926 ميلاديا في تركيا. درس أربكان الهندسة في ألمانيا وترعرع في كنف الطريقة النقشبندية.
دراسته وإنضمامه للأحزاب
بعد أن تخرج أربكان من كلية الهندسة بدأت رحلته السياسية فتولى رئاسة اتحاد النقابات التجارية، وأصبح أحد أعضاء مجلس النواب، ولكنه لم يتمتع بالمشاركة بالحكومات المختلفة، والسبب في ذلك هو نشاطه الذي كان معاديا للعلمانية، و بالرغم من ذلك لم يستسلم لذا فقد أسس حزبه (النظام الوطني) الذي كان بمثابة اختراق يؤكد على رفضه لتطرف القوى العلمانية.. ،غير أن الأمر لم يستمر طويلا فقد تم حل هذا الحزب بناء على قرار من المحكمة الدستورية
و لم يتخلى أربكان عن ما كان يحمله بداخله من أفكار ففي عام 1972 ميلاديا قام أربكان بتأسيس حزب السلامة الوطني ،و لم يحظى هذه المرة بغضب الجيش ،و تمكن بالفعل من المشاركة بالانتخابات العامة
ويفوز بخمسين مقعدا كانت كافية له ليشارك في مطلع عام 1974 في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ليرعى المبادئ العلمانية.
تولى أربكان منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس الحكومة بولند أجاويد في اتخاذ العديد من القرارات كما حاول أربكان فرض بعض قناعاته على القرار السياسي التركي، وحاول ضرب بعض من أخطر مراكز النفوذ الداعمة للنهج العلماني
فقدم بعد تشكيل الحكومة بقليل مشروع قرار للبرلمان بتحريم الماسونية في تركيا وإغلاق محافلها، وأسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي، وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعاد لإسرائيل، ونجح في حجب الثقة عن وزير الخارجية آنذاك خير الدين أركمان بسبب ما اعتبر سياسته المؤيدة لإسرائيل.
أسس حزبه (النظام الوطني) الذي كان بمثابة اختراق يؤكد على رفضه لتطرف القوى العلمانية لم يصمد طويلا حتى تم حله ليقوم بتأسيس حزب السلامة الوطني عام 1972حيث كان من ضمن ماقدمه الحزب مشروع قانون إلى مجلس النواب في صيف عام 1980 يدعو الحكومة التركية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، وأتبع ذلك مباشرة بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد القرار الإسرائيلي بضم مدينة القدس، كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر، الأمر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الإسلام السياسي بزعامة أربكان.
بعد بضعة أيام تزعم قائد الجيش كنعان إيفرين انقلابا عسكريا أطاح بالائتلاف الحاكم، وبدأ سلسلة إجراءات كان من بينها إعادة القوة للتيار العلماني ومن ذلك تشكيل مجلس الأمن القومي وتعطيل الدستور وحل الأحزاب واعتقال الناشطين الإسلاميين إلى جانب اليساريين
كان أربكان من بين من دخلوا السجن آنذاك، وبعد ثلاث سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على الحريات في عهد حكومة أوزال، فأسس في العام 1983 حزب الرفاه الوطني، الذي شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم يحصل سوى على 1.5% من الأصوات، لكنه لم ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر.
خلال أقل من عام قضاه رئيسا للحكومة التركية، سعى أربكان إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، فبدأ ولايته بزيارة إلى كل من ليبيا وإيران، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا.
في عام 1998 تم حظر حزب الرفاه وأحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزبا جديدا باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000
بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003 أسس حزب السعادة، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب الرفاه المنحل، وحكم على الرجل بسنتين سجنا وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاما.
وفاته
توفي نجم الدين أربكان ،في السابع و العشرين من فبراير عام 2011 ميلاديا في احدى مستشفيات أنقرة عن عمر يناهز أربعة و ثمانون عاما، و حضر جنازة أربكان أبرز الشخصيات التركية، و القيادات الإسلامية، و كان من بين الحضور رجب طيب أردوغان ،و عبد الله جول ،و الشيخ راشد الغنوشي .