حي “قره كوي” بإسطنبول.. أزقة تفوح منها رائحة الزمن
من أبرز ما يميز المنطقة هو ثاني أقدم ميترو في العالم للمواصلات والأول في تركيا
أزقة ضيقة ومبان قديمة، ومركز تجاري ونقطة مواصلات، هي أبرز ما يميز حي “قره كوي” بإسطنبول، وهي منطقة تاريخية قديمة، تعبق في أزقتها رائحة الزمن.
ويعد حي “قره كوي” كما في سابق عهده، مركزا هاما في إسطنبول، نظرا لكونه نقطة التقاء عدد من الفعاليات الاقتصادية والتجارية والسياحية والتاريخية، ونقطة عبور ومواصلات بحرية هامة.
المنطقة استمدت اسمها من سكانها اليهود الذين سكنوا فيها قبل الفتح العثماني.
ويطلق عليهم اسم “يهود قاراي”، ليتحول اسم الحي العتيق لاحقا إلى “قره كوي”.
وكلمة كوي باللغة التركية تعني القرية، وتتبع حالية لبلدية “بي أوغلو” وهي قرب منطقة تقسيم المركزية.
كما تقع منطقة قره كوي خارج أسوار إسطنبول القديمة، على الضفة الأخرى من خليج القرن الذهبي، تقابل منطقة أمينونو الشهيرة في القسم الأوروبي، ويقع خلفها أزقة جميلة رائعة وضيقة.
تعاقب الحضرات على قره كوي
منطقة “قره كوي” اشتهرت عبر التاريخ كمركز تجاري هام ومرفأ بحري.
كما تبوأت في القرن التاسع عشر مكانة تجارية هامة على مستوى العالم لمجاورتها أحياء مركزية من مثل “أمينونو” و”شيش هانة” و”توب هانة”.
وقبل ألف عام استقر بها “تجار جنوى” الإيطالية، بعد أن سمح لهم البيزنطيون بذلك.
وقد عززوا من تواجدهم، وحتى الآن يمكن لزائر قره كوي أن يشاهد أثراً من جدران تلك الحقبة.
وفي القرن الخامس عشر، كانت المنطقة تشبه إلى حد كبير مدينة إيطالية.
وبعد أن تم فتح المدينة في العام 1453م من قبل السلطان محمد الفاتح، واصل الإيطاليون والرومان والأرمن واليهود حياتهم في هذا الحي.
وشكل عدد المسلمون في المنطقة في القرن نفسه، قرابة نصف السكان.
كما استقر في المنطقة اليهود الهاربين من إسبانيا في القرن السادس عشر، والقادمين من حرب القرم في القرن التاسع عشر، وشهدت هجرات من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا.
منطقة تجارية قديمة وحديثة
في القرن التاسع عشر ازدهرت المنطقة تجاريا، وفتحت شركات عالمية كبيرة مكاتب وأفرع فيها.
كما تم بناء المصرف العثماني في هذه المنطقة، وباتت محطة للمسافرين، وميناء جمركيا، واستضافت فعاليات تجارية.
وفي الوقت الحالي لا زالت المنطقة تحتضن المصرف المركزي، وشركات عديدة.
كما يوجد فيها أسواق مختلفة، منها أسواق للسمك وأسواق للمنتجات الكهربائية، ومكاتب عديدة، فضلا عن انتشار عدد كبير من المطاعم.
وعادة ما تضرب سفن الرحل البحرية الكبيرة سلاسلها على سواحل “قره كوي”، فضلا عن استضافة المنطقة أحد أقدم صانعي حلوى البقلاوة الشهير عالميا “غوللو أوغلو”.
عودة للتاريخ
لعل أهم ما يميز المنطقة المباني العمرانية القديمة، والأزقة الضيقة التي في غالب الأمور لا يمكن المسير فيها إلا على الأقدام.
كما يمكن لأي سائح وزائر أن يبدأ رحلة المشي من المنطقة انطلاقا من ميدان تقسيم عبر شارع الاستقلال نزولا إلى نفق المترو القديم، وهو ثاني أقدم ترام في العالم، ويصل مباشرة إلى قره كوي.
وخلال رحلة المسير على الأقدام يمكن رؤية الأزقة العديدة المتوفرة، والمنظمة والمرصوفة بالأحجار.
كما تنتشر على أطراف قرة كويالمطاعم والمقاهي ومحلات بيع الآلات الموسيقية، حيث تعتبر المنطقة أيضا سوقا محببا لعشاق الفن والموسيقى.
وينتهي المطاف برحلة الزائرين إلى برج غالاطة الشهير الذي يعتبر من معالم مدينة إسطنبول.
كما يقصده الزائرون والسياح بهدف رؤية إطلالة مرتفعة رائعة على إسطنبول بالإضافة إلى مضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي، والمدينة القديمة.
وتضم المنطقة مجموعة من دور العبادة الإسلامية الشهيرة، ودور العبادة المسيحية، فضلا عن عدة شوارع وأزقة تاريخية شبيهية بأزقة الشوارع الأوروبية لكن بلمسة شرقية.
ثاني أقدم مترو بالعالم
لعل من أبرز ما يميز المنطقة هو ثاني أقدم ميترو في العالم للمواصلات، والأول في تركيا.
وتم تقديم مقترح ربط منطقتي تقسيم وقرة كوي للسلطان عبد العزيز، ليوافق عليه ويتم افتتاحه رسميا في 1874م.
وكانت بداية النقل عبر هذا الخط من خلال عربات يجرها الخيول، ومع التحول في إنتاج واستخدام الطاقة، تم استخدام عربتين تعملان على البخار بقوة 150 حصان.
كما في العام 1911م تم الانتقال لاستخدام الطاقة الكهربائية، وتم تطويره ليكون معاصرا.
وفي الوقت الحالي يعمل الخط بالعربات القديمة التراثية، ولا زالت تلك العربات بلونها الأحمر تزين المنطقة وشارع الاستقلال، ويلتقط عندها السائحون صورا تذكارية.
المصدر: وكالة الأناضول