تركيا

تفسير لوحة مدرب السلحفاة للفنان التركي عثمان حمدي بيك

هذه اللوحة للفنان التركي عثمان حمدي بيك، وعنوانها Kaplumbağa Terbiyecesi كابلومباغا تربياجيسي او ما معناها بالعربية ‘مدرب السلحفاة’

رسمها عام 1906. وبعدها بعام رسم لوحة اخرى نسخة من الاولى. رجل الأعمال التركي وهاو جمع اللوحات الفنية ‘ارول اكسوي’ قام بشراء اللوحة الاولى عام 1992, مقابل ما يعادل 700 الف دولار في ذلك الوقت. وهو كان رقم رهيب لعمل فني صاحبه تركي. ولكن هذا الرقم كسر عام 2004 عندما اعلن ارول اكسوي افلاسه وأغلق مصرفه ‘اقتصاد بنك’ İktisat bankası

وبسبب تهم الاختلاس التي وجهت له، تمت مصادرة ممتلكاته من قبل صندوق التأمين وضمان الودائع التركي بما فيها البنك وقناة تلفزيونية ومجموعة فنية تتكون من 332 لوحة بما فيها هذه اللوحة الفنية والتي عرضت في مزاد علني في ديسمبر 2004 عن طريق انتيك كو وهو الممثل القانوني لصندوق التأمين التركي، بدأ المزاد بتقديم سعر 1.9 ترليون ليرة تركية واستمرت المزايدة حتى تغلبت مؤسسة سونا-ينان كيراتش على متحف اسطنبول للفنون الحديثة، بمبلغ 5 ترليون ليرة تركية او ما كان يعادل 3.5 مليون دولار أمريكي في ذلك الوقت. اللوحة اليوم تقبع في متحف بيرا في اسطنبول وهو يتم تمويله من قبل مؤسسة كيراتش.

تحليل اللوحة

هذه الأهمية والضجة حول هذه اللوحة تجعلنا نتساءل عن قصتها، عندما ننظر اليها، فاننا نرى رجلاً مسناً في رداء أحمر منحني قليلاً الى الأسفل ناظراً الى بعض السلاحف. هذا الرجل هو الفنان نفسه، حيث كانت على عادة عثمان حمدي بيك أن يرسم بورتريه لنفسه ضمن أعماله.

ماذا عن غطاء رأسه؟ لا، انه ليس طربوشاً، بل يسمى بـ arakıyye أو arakçîn وهي كلمة عثمانية يعتقد أنها مستعارة من كلمة عربية وهي الـ ‘العرقية’ ، العرقية عبارة عن غطاء رأس يشبه القبعة وهو من ضمن الزي التقليدي العثماني وكان يرتدى كثيراً قبل ظهور الطربوش، وهو مربوط بنسيج قطني يسمى بالـ destar وهي كلمة عثمانية مرادفاتها في التركية الحديثة تحمل معنى العمامة ولكنها ترجمة غير دقيقة.

البلغة والنقارة والعصا…

في رجليه نستطيع أن نرى شباشب صفراء تشبه البلغة وهي نعل تقليدي مغربي يصنع من الجلد. هناك نوعان من البلغة، اما أن تكون مقدمته حادة (البلغة الفاسية)، أو محدبة فيكون بذلك امازيغياً (البلغة الامازيغية). بالنسبة لذراعيه المشبوكتان الى الخلف، فنلاحظ أنه يمسك بناياً تقليدياً في يده. وعلى ظهره نستطيع رؤية nakkare نكّارة متدلية. وهي كلمة مستعارة من العربية، يرادفها ‘نقارة’ ويقصد بها نوع محدد من الطبل او النقارية والتي تعرف ايضاً باسم الرق وهي نوع من أنواع الدف تستخدم كآلة موسيقية تقليدية في الموسيقى العربية. والعصا الخاصة بها تتدلى من على كتفه.

الجامع الأخضر

المكان الذي يظهر في اللوحة هو في غربة من احد الادوار في مسجد يشيل او Yeşil Camii ويعني الجامع الأخضر بالتركية وهو يقع في مدينة بورصة التركية، وهي كانت عاصمة العثمانيين قبل فتح القسطنطنية، ويعرف المسجد ايضاً باسم مسجد محمد الاول.

 عثمان حمدي بيك مواليد عام 1842 وتوفي عام 1910, أي بعد 4 سنوات من رسمه هذه اللوحة. عثمان حمدي كان رساماً ناجحاً وعالم اثار وقيّم متحف. وبالرغم من أن أباه أرسله لدراسة القانون في باريس عام 1857 الا أنه وجد نفسه تلميذاً للفنانين المستشرقين الفرنسيين جان ليوم جيروم و غوستاف بولنجر.

ووصل به الأمر الى أن يعرض ثلاثة من لوحاته في معرض باريس الدولي عام 1867. بعد عامين، غادر باريس وعاد لموطنه، لكي يشغل بعض المناصب الادارية حتى ساهم في افتتاح متحف المجمع الأثري القديم Mecma-ı Âsâr-ı Atika Müzesi , والذي يعرف اليوم باسم متحف اسطنبول الاثري. وتم تعيينه مديراً عاماً له عام 1881. 

السبب الحقيقي وراء اختيار السلحفاة

السبب الحقيقي وراء اختيار عثمان حمدي بيك للسلاحف كموضوع لـ لوحته غير معروف الى الآن، ولكن هناك الكثير من النظريات لبعض المحللين والمؤرخين، احدها، أنه ربما كان على دراية بموضة أخذ السلاحف في نزهة والتي انتشرت عام 1840 في باريس. اخرون يعتقدون انها ربما تكون طريقته في اظهار الصعوبات التي مر بها في حياته، والبعض الاخر يرى أنها قد تكون ترمز الى الفترة التي اشتغل بها كمدير في المتحف الاثري.

أما بالنسبة للكاتالوغ في متحف بيرا فانه لا يعطي معلومات كافية عن السبب وراء اختيار السلاحف، ولكنهم قد قالوا أن الدرويش او الرجل المسن يريد أن يدرّب السلاحف لا بالقوة وانما بالفن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى