تركياسياحة

آية صوفيا عادت مسجدا

منذ تحرير القسطنطينية وتحويل محمد الفاتح آية صوفيا لمسجد بدأت اليونان بمحاولة إستعادت كنيستهم (بالتعبير اللاهوتي)، وكان ثَمة مطالبات بذلك بعد الحرب العالمية الأولى في الدول الأنجلو ساكسونية، وكان من أشد المدافعين عن الاستعادة اللورد جورج كورزون وزير الخارجية البريطاني (بين عامي 1919 و1924).

أما من الناحية التركية فأراد أتاتورك رئيس البلاد في تلك الفترة بناء دولة قومية حديثة على النمط الأوروبي، ومن ثم كان بحاجة إلى تأسيس تاريخ مشترك يجسد الفكرة القومية، وربما وجد في تحويل المبنى إلى متحف وسيلة ملائمة لتعزيز عظمة الأمة التركية وتاريخها من جهة، ولإيجاد روافد أخرى -بيزنطية- لتعزيز هذا التاريخ وللحصول على اعتراف أوروبي بحداثة دولته الناشئة أيضًا.

فتحويل آية صوفيا لمتحف ستجعل منه مجرد “ذاكرة تاريخية” (لا مسجدًا ولا كنيسة)، وكونه متحفًا يعني أنه أُخرِج من واقع الحياة الحالية وأصبح جزءًا من منظومة السياحة والتاريخ المشترك وفق التصور الأوروبي الحديث.

جرى التفكير في تحويل جامع آيا صوفيا إلى متحف لأول مرة بعد تدخل توماس وأثناء فترة الترميم التي دامت أربع سنوات، وكان قد حصل على إذن بإزاحة الجص من على الرسومات البيزنطي داخل المبنى، والتي كانت قد سُترت بعد دخول المسلمين، وهو ما وصفه ديورانت بقوله: “جرى التطهير المناسب فأزيلت عنها كل الأمارات المسيحية، وطُليت فسيفساؤها بالبياض، ونُسي ما كان عليها خمسمئة سنة”.

وكان الكشف عن هذه الرسوم البيزنطية المهمة المدخلَ لتحويل الجامع إلى متحف حتى يتسنى إبقاؤها مكشوفة لتلبي الفكرة النموذجية للسياحة.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1934 أعلن مجلس وزراء جمهورية تركيا الحديثة أنه يجب علمنة جامع آيا صوفيا وتحويله إلى متحف؛ لأهميته التاريخية بوصفه معمارًا فنيًّا فريدًا، ونافذة معرفية جديدة للبشرية، ويبدو أن وزير التربية عابدين أوزمن (Abidin Özmen) كان قد أدى دورًا مهمًّا في هذا؛ حيث وجدوا في فكرة المتحف فعلًا ثقافيًّا وحياديًّا في الآن نفسه، ومع ذلك لم يكن القرار ليمر دون ضجة؛ بل طُرحت تساؤلات حول صحة التوقيع على القرار، لكن ما لبث أن هدأ الجدل واستقر الأمر على كونه متحفًا.

بقيت آيا صوفيا متحفا 85عام , إلى أن جاء قرار الرئيس أردوغان

بإلغاءالمرسومالصادر عن مجلس الوزراء عام 1934، الذي قضى بتحويل “آيا صوفيا” في مدينة إسطنبول من مسجد إلى متحف؛ حيث ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابا تاريخيا استعرض فيه تاريخ إسطنبول وآيا صوفيا، وتحدث عن الإمبراطورية البيزنطية والفتح العثماني، وتناول وجود الكنائس في تركيا، وتاريخ منطقة البلقان الحديث.

وقال أردوغان “في الواقع لم يكن هذا القرار الذي تم اتخاذه خلال فترة الحزب الواحد عام 1934 خيانة للتاريخ فحسب، بل أيضا ضد القانون؛ لأن “آيا صوفيا” ليست ملكا للدولة ولا أي مؤسسة، فهي ملك لوقف السلطان محمد الفاتح، مؤكدا حقوق تركيا التاريخية والقانونية التي تعود إلى 567 سنة .

كما أكد الرئيس أنه من حق أي شخص زيارة مسجد آية صوفيا بفض النظر عن دينه وجنسيته .

وقال أردوغان إن “آيا صوفيا” شهدت أعمال ترميم وصيانة متكررة، لتبدو بهذا الجمال، ولتغدو قرة عين الشعب التركي. وحتى اسمها الذي يعني “حكمة الرب” أبقي كما هو ولم يتم تغييره. وكما هو واضح، إن أجدادنا لم يكتفوا بتحويل هذا المعبد إلى مسجد بعد أن كان أطلالا لدولة متداعية آيلة للسقوط، بل أحيوه من جديد وأعلوا شأنه”.

وهكذا أُعيد فتح آية صوفيا كمسجد في العاشر من يوليو 2020 حيث وافقت المحكمة الادارية العليا التركية على قرار تحويله إلى مسجد وبهذا ألغي قرار تحويله إلى متحف واصبح مسجد بشكل رسمي. وقع الرئيس التركي على مرسوم يقضي بفتح معلم آيا صوفيا التاريخي كمسجد.أكد الرئيس التركي إن أول صلاة ستقام بمسجد “أيا صوفيا” ستكون يوم 24 يوليو 2020.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى